فلسفة الحياة

يحكى أنه كان لرجل حكيم ثلاثة من الأبناء. الأكبر، اسمه المال و قد كان قويا مغرورا ومتكبرا معتزا بقيمته. والأوسط، اسمه العلم، كان صبوراً هادئاً,ولكنه كان كثير الأسئلة ومتفاخرا بمعرفته الكبيرة. وأصغرهم كانت فتاة اسمها الكرامة و كانت حساسة جدا لكثرة دلال والدها لها وخوفهُ عليها.
كان الثلاثة يعيشون في كنف والدهم الذي استطاع بحكمته أن يكبح جماح أبنائه الذكور و يحد من طموحهما.
بعد وفاة الأب ، قرر الأبناء إطلاق العنان لطموحهما.
وقف المال قائلا:لماذا لا نذهب ونرى كيف تسير حياتنا بعيدا عن هذا البيت .
قالت الكرامة: و لكن أين سأذهب؟
قاطعها العلم و التفت مخاطبا المال: فعلاً أنها فكرة رائعة. نجول العالم و نرى أعاجيبه التي سمعنا بها و لم نرها أبدا.
و لكن أقترح أن نتقابل هنا بعد عشر سنوات، لنحكي قصصنا ونستفيد من تجاربنا.
كانت الكرامة، الأخت الصغرى، كلما حاولت الكلام إلا و أسكتها أخواها و لم يتركا لها مجالا لإبداء أي رأي.
تفرق الأخوة كل في طريق. و كل واحد منهم عاش حياته كما أراد و رأى من الدنيا مالم يكن يتصوره.
مرت الأيام,تبعتها الشهور والأعوام,ومرت العشر سنين ثم حان موعد العودة واللقاء.
اجتمع المال والعلم في بيت والدهما في أنتظار رجوع أختهما الصغرى واشتغلا بالحديث .
وقف المال يحكي متباهيا: لقد زرت البنوك وبيوت الأغنياء ورسمت البسمة على شفاه الفقير والمحروم,وأحياناً كنت السبب في مشاكل بين الأخوة و الأصدقاء و لكنني استفدت كثيراً من جولتي و عرفت قيمتي الحقيقية و هأنا عدت أكثر إعتزازا بنفسي.
قال العلم:وأنا كذلك يا أخي، فلقد زرت الجامعات والمدارس وبيوت طلبة العلم. وعلمت الشعوب كيف تقدر مكانتها وكيف تفكر وتستفيد من وقتها، و لقد عرفت قيمتي الحقيقية فعلا. و هأنا كذلك عدت أكثر فخرا بنفسي من ذي قبل.
جلسا طويلاً في أنتظار أختهما و لما أعياهما الإنتظار ظنا أنها ربما سبقتهما إلى البيت فصعدا إلى غرفتها ليتاكدا لكنهما لم يجدا إلا ورقة قديمة كانت قد كتبت من فترة طويلة وكانت بخط أختهما الصغرى. تقول فيها:أخواي العزيزان، كنت أريد أن أقول لكما رأيي منذ أن أقترحتكما فكرة الذهاب والعودة، ولكن إصراركما ومقاطعتكما المستمرة لي منعاني من الكلام . كنت أريد أن أقول لكما أنكما إذا أرغمتماني على الخروج، فلن تجداني عند رجوعكما و لن ترياني أبدا بعد ذلك، فأنا اسمي الكرامة ،و الكرامة إذا ذهبت، فإنها لا تعود أبدا .
بكى الأخوان كثيرا على ضياع أختهما الحبيبة و عاشا حياتهما في ندم و حسرة.
وأدركا أن عزهما ليس له أي قيمة بدون وجود الكرامة.
مما راق لي

شكرا غاليتي على القصة الممتعة والحاملة بين طياتها العبرة

fmansouri كتب:: شكرا غاليتي على القصة الممتعة والحاملة بين طياتها العبرة

» كن جميلا ترى الوجود جميلا (فلسفة الحياة).. قصيدة ايليا ابو ماضي
» هي الحياة....................................
» لا يأس مع الحياة
» بعض مما علمتني الحياة
» ألوان من الحياة…