أحيانا أفكر: أين طفولتي؟ ماذا بقي لي منها؟
والجواب "لاشيء"
الجسم الذي كان غضا طريا كبر؛امتلأ بأعطاب الزمن,ووشوم خطتها يد الجراحين
بمهارة وإتقان.
القوة والصحة ولت ورجعت : جلطات,شرايين مهترئة,صمام بالكاد يضخ الدم,انخفاض في الضغط....
وحتى الأب الذي يذكرني أنني طفلة اختطفته يد المنية.
الإخوة منهم من هاجريسعى في أرض الله؛ومنهم من انشغل بهموم الدنيا ومسؤولية البيت والزوج والأولاد...
والأم مافتئت تعد الأموال وتحصيها غير آبهة بألمي أو معاناتي....
والجدة الحنون اختطفها القدر بعدما شاخت وهرمت وعانت من توالي الجلطات .
وحتى ولداي :الأكبر منهما تجتاحه جائحة المراهقة؛لايفتر عن المطالبة بكل ماتشتهيه نفسه من مأكل وملبس مصروف جيب الذي يعرف تزايدا باستمرار.
أما الأصغر ,فله الله؛حنون زاهد في كل حقوقه لايهمه سوى مسلسلات الرسوم المتحركة...
أما الزوج فمنشغل بأطباق الأطعمة وألوانها,ومقابلات كرة القدم,والفضائيات المتنوعة لا يفتر عن مراقبتها إلا عند الصلاة أو أوقات العمل.
وهكذا أصبحت تجمعنا لحظات معدودة بالكاد تحصى على رؤوس الأصابع: مناسبة زفاف أو عقيقة أو خطوبة أو مأتم....
انمحت الذكريات بتوالي الأحداث والآفات ولم تعد طفولتي سوى طفولة بخرها توالي الفجائع والآلام...