قِفْ أنْتَ اليَومَ لَدينا مُتهمْ..
اخلَع رِدَاءكَ ونَعليك..
وَعَلى أرْصِفةِ الخَريفِ الموءوُدَةِ..
انشُرْ غَسِيلَ أحْزَانِكْ..
وَلَمْلِمْ أوراقَ أشْعَارِك...
وَضَمِّدْ أوتَارَ قِيثارتكَ الحَزِينه..
وَاعزفْ مَعَ لَحن الغُروبِ أنشُودَتكَ الودِيعه.
اخلع رِدَاءكَ ونَعليك..
فَما أنتَ بِالنبي المُرتَجَى..؟
وَلا أنتَ بِالنَّهرِ المُقَدَّسِ طُوى..؟
قِفْ أنتَ اليومَ لدينا مُتهَمْ..
صَك اتهامِكَ أبْرمَتهُ أنَاملُ المَسَاء..
وَبارَكتهُ زَغرُودةُ النِّساء..
أنتَ لوحدكَ تَمردتَ عَلى أوجَاعِكْ..
وتَراقَصْتَ مَع أنشُودةِ الصَّباحْ..
قِفْ واكتمِ الصِّياحْ.
وأعلنِ الانْحِنَاءْ....
وَرَددْ أنشُودةَ المَساءْ...
لَبيك يَا سَيد الأرضِ والسَّماءْ...
لَبيكَ وسَعْدَيكْ..
أنتَ والي المُعَظَّمْ..
وأنَا العَبْدُ المُطِيعُ المُنَعَّمْ..؟
******
يَا سَادَتِي..
قَال لِي بَعضُ أصدِقَائِي.
وأنا مُعَلَقٌ عَلى مَشَانِقِ المَساءْ..
أعلنِ الانْحِنَاءْ.
وخَاطِبْ سَادتكَ الفُضَلاءْ...
وأعْلِنْ فِي مَقَالتكَ مَوتَ قَصَائِدكْ..
ولَكَ جَنَّةُ الخُلدْ..
لا تُهَانُ فِيهَا ولا تَضْمَا..
وقَبِّلْ أجْنِحةَ الرِّيحْ..
كُلَّمَا تَطَاولتْ فِي السَّماء...
واصْنَعْ مِن جَمَاجِمِ أصْحَابِكَ...
كُؤوساً لِنَخْبِ نَبِيدِ الرَّجاءْ..
وانسُجْ مِن أكْفَانِ أصْحَابِكَ...
عَمَاِئمَ لِلغِرْبَانْ..
وَمِنْ رُفَاتِ ذِكْرياتِ قَصائدكَ..
بِسَاطاً لِلريحِ السَّكْرَانْ...
وقَدِّمِ القُربَانْ..
فَاليومَ تُنْجَى مِنْ مَشَانِقِ المَساءْ...
وتَكونَ لِمَنْ خَلفكَ آيةَ الرَّجاءْ...
******
يَا سَادتِي..
كُل أصْحَابِي المُعَلَّقِينَ عَلى حَبائلِ المَسَاءْ..
يُعذبُونْ ..
يَصرُخُونْ ..
يُشنقُونْ...
ثُم يَمُوتُونْ...
وَتَبقى أصْواتُهم عَلى قَاماتِ السَّنَابِلِ..
تَأبى الانْحِناءْ.
يَا سَادتِي..
أَنتُم لَكُمْ مَشَانِقكُمْ..
وَلَكُمْ جَبْرُ المَساء.
وأنَا لِي صَبْرِي...
وَمَواجِعُ قَصَائِدِي..
والرَّجَاءْ.
فَأنَا لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونْ..
******
يَا سَادتِي..
أنَا لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونْ..
أنَا هُنَا عَلى جُسُورِ الجَمْرْ..
أرقبُ عَودةَ أبِي ذَرْ..
و القَمَرُ الحَزِينُ يُتَمْتِمُ فِي أَحْشَائِي..
وابنُ جُبَيرْ..
يُحدثُنِي فِي مَنَامِي..
يَا بُني:
كُلُّ مَا صَنعتْ سُيوفُ الحَجاجِ...
هَدَّمتهُ مَعَاوِلُ إبرَاهِيمْ..
وشَفَتْ جُروحَهُ أقمِصَةُ يُوسفَ..
المُعطَّرةُ بِدِماءِ أصْحَابِك...
فَالمجدُ يا بُني..
لِمَنْ قَال لاَ ..
" فِي وجْهِ مَنْ قَالُوا نَعَمْ " ...
ولَمْ يَنحَنِ لِلصَّنَمْ.
والخَوفُ الذي سَكنَ أَضلُعَ مَدينتكْ..
بَدَدتهُ رِيَّاحُ الرَّبِيعْ ...
تَحْمِلُ مِن عِطْرِ دِمَاءِ أصْحَابِكَ...
مِسْكَاً لأوجَاعِكْ.
فَالمجدُ يا بُني..
لِمنْ أَرخَى ظِلالَ أَعْنَاقِهِ عَلى مِقْصَلَةِ الحِسابْ..
ولَمْ يَخشَ العِقَابْ..
واكْتَوى بِرَمْضَاءِ قَصَائِدِهِ...
وشَقَّ ضُلُوعَ الأبْوابْ.
******
يَا سَادتِي..
إني وإنْ بَحَّتْ أوتارُ قَصَائدِي..
وإنْ هَرِمتْ كَلِماتُ أَشْعارِي...
وَشَابتْ مَواجِعُ جِراحِي..
فَإِنّي أصنعُ مِن كَفِّ مَواجِعِهَا..
ثِيابَ عَيشِي..
وَلا أقْبَلُ أَنْ أكُونَ نَخَّاساً لِدِمَاءِ أَصْحَابِي.
يَا سَادتِي..
أَنَا هُنَا عَلى مِحرَابِيّ الحَزِينْ..
أَشْكُو بَتي وَحُزْنِي لِرَبي..
يَا رَبُّ..
رَمْضَاءُ أَفْكَارِي أَتْعَبَهَا الأنِين..
وَسَوطُ الرِّيحِ يُدَاعِبُ قَلبي الحَزِين..
وهَذا المَسَاءُ أدْلَفَ مِنْ أَوجَاعِي..
فَأَرسِلْ مَعي صَبْرَ أيوبْ..
واغسِلْ جِراحِي بِدمعِ يَعقوبْ..
عَلِّي إِذَا مَا اشْتَدَّتْ مَواجِعِي ...
وَمَزَّقَتنِي رِيحُ المَساءْ...
إليكَ وَحدكَ أؤوبْ.
ورزازات في 18/04/2011