الايقاع الشعري في القصيدة العربية
بقلم فالح الحجية
الفن هو الحقل الواسع لكل الامور الانسانية و مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتوتر النفسي او الانبعاث النفسي والمصدر الرئيسي الذي تتم ازاءه العمليات الفنية المعقدة في اية حالة إبداعية.
...و إن حالات ولادية هذا التوتر اوالقلق المتولد, تتم حتما من خلال عدة أقنية حسب نفس النظرية و تعديلاتها جاء بها كبار دهاقنىة الادب- أمثال ايرك فروم و يونغ - تؤكد أن طرقاً أخرى تشارك في هذة المسألة ومنها التسامي في التمسك بالفضائل العالية و الأخلاق السامية .
فالمبدعيحاول تفريغ شحنته النفسية او القلق المحسوس به من قبله في حنايا نفسه من خلال حالة إبداعية تحمل قلقه الذاتي حتى يوصلها الى المتلقي..
والشعر كحالةإبداعية خاصيتها تأتى من كون الشعر أقرب الحالات الإبداعية الممثل لتلك الحالة الشعورية, التي تحمل شحنات كبيرة من القلق النفسي تعدأكبر من اي كمية ربما تحملها الفنون الأدبية الاخرى و الذي يتجه من الذات الشاعرة نحو المتلقي او القارىء لذا يتوضح لنا ان الشعر هو ايقاع فني بثوب هندسي وهذا الامر لا يختلف عليه اثنان قديما وحديثا
ويمكن تعريف هذا الايقاع - الشعر ي - من خلال علاقته بالذات الشاعرة من أنه حالة من الانتظام للتنبيهات الواقعة بين سكونين سكون البداية و سكون النهاية و بما أنه ايقاع شعري فهو يحمل صفة معينة و هي الشعرية, وهذا الإيقاع هو الذي يمثل حركة الكلام في فن الكتابة حيث يكون على أشده في القصيدة الشعرية بانواعها الثلاث- قصيدة النثر و العمودية و قصيدة التفعيلة -بينما يتناهى نحو السكون في كلام النثر وتقل هذه الحالة كلما ابتعد النثر عن الفنية حتى تسكن في حالة النثر المتكلم عن العلمية و التسامي قد يحصل من خلال التمسك بالفضائل الرفيعة و الأخلاق السامية .
الشعر كحالةإبداعية لها خصوصيتها, تتأتى هذه الخصوصية من كونه أقرب الحالات المبهمة المعالم والتي لايعرف كنهها في قلب الشاعر الا بعد ولادتها – الممثلة لتلك الحالة الشعورية, التي تحمل كمية كبيرة من التوتر او القلق النفسي, و الذي يحتاج بدوره إلى أدوات مساعدة قادرة على حمل هذا التوتر و إخراجه من الذات الشاعرة باتجاه المتلقي او القارىء. بحيث يمكننا القول ان الشعر ما هو الا ايقاع ونغم وهذه حالة مفرغ منها ولا يختلف عليها اثنان ابدا
ونستطيع القول ان النثر الفني والشعر قمتان شامختان والشعرية هو قياس درجة شاعرية الشاعر وان الفرق بين الشعر والنثر كمي أكثر مما هو نوعي وعليه يفترض ان يكون النثر العلمي الطرفالمقابل للشعر او للنثر الفني الذي يصل في بعض الاحيان قريبا من الشعر و يشترك فيه بأكثر من نوع من انواع الإيقاع
وفي قصيدة العمود الشعري فان الإيقاعات الصوتية او السمعية تاتي كضرورة من ضرورات الشعرية و يتم التركيز على الإيقاع السمعي في الغالب حيث قيل - الاذن الشاعرة – اي امكانية الشاعرالعربي من وزن قصيدته العمودية وفق وزن معين توحيه اليه اذنه الموسيقية بايقاعاتها النغمية و ذلكلسهولة الإدراك السمعي للإيقاع عنده إذ أن الإيقاع السمعي لا يحتاج إلى عمليات فكرية كبيرة. وقد تختلف هذه بين شاعر واخر في درجتها وقوة ايتائها فيقع الشاعر في احد امراض الموسيقى الشعرية
وكذلك قد تأتي من خلال الحالات المتعددة من التوتر التي تحملها القصيدة ومن خلال الصياغة اللغوية و الصور البيانية والجمالية المتأتية بها القصيدة الشعرية.و هو نفسه الإيقاع الادراكي الفكري الذي يتبلور في قصيدة النثر رغم حريتها الواسعة غير المقيدة اما قصيدة التفعلية او قصيدة الشعر الحر فتاخذ حيزا بين القصيدتين في ايقاعاتها المختلفة فهي بالرغم من محدودية ايقاعاتها باستخدامها نغمات او بحورا شعرية معينة الا انها اجازت لحد كبير الخروج على هذه التفعيلة من خلال العلل والزحافات اي ان حرية استعمالها في قصيدة الشعرالحر اوسع من قصيدة العمود التي لاتجيز ذلك الا بالضرورة القصوى و عليه ومن هذا المنطلق تكون قصيدة العمود الشعري اكثر التزاما وتقييدا وتعقيدا من قصيدة الشعرالحر رغم انها تتناغم مع ستة عشر بحرا والاولى بثمانية ابحر وربما تقل عن ذلك
اما قصيدة النثر فلها الحرية المطلقة في النظم فايقاعاتها ما ياتي بها الشاعر وتعتمل في نفسه فيظهرها شعرية بايقاع جماليته وما تصبو اليه نفسه وما يستطيع عليه وقد تعينه اللغة ومخارج حروفها وتناسقها واحداثاتها في البيان والبلاغة
فالح نصيف الحجية