[b].. هم نجوم طبعوا الأغنية المغربية بإبداعاتهم الرائعة، وتميزوا بإسهاماتهم وبأفكارهم وعملهم الفني النير، منهم شعراء
وزجالون، ومنهم ملحنون ومطربون وموسيقيون ومغنون .. هؤلاء الرواد تركوا علامات بارزة في التاريخ الفني الموسيقي المغربي منذ بداية انطلاقته في بداية الثلاتينات من القرن الماضي .
لقد صنعوا المجد لوطنهم ورسخوا معالم الأغنية المغربية بصفة عامة والأغنية الأمازيغية والشعبية و العصرية بصفة خاصة ، ومزجها بعضهم بفن العيطة التي هي مكون أساسي من مكونات تراث غنائي شعبي أصيل . كما يوجد من بينهم نجوم في الموسيقي الأمازيغية التي لها مسار فني غني بتجربة متميزة. ومنهم من أسس لأغنية مغربية عصرية وارتقوا بها إلى مستوى عال .. ومنهم من حافظ على مكانة الموسيقى الأندلسية (طرب الآلة) بالمغرب التي هي متميزة بمدارسها الثلاثة الرئيسية : مدرسة عبد الكريم الرايس بفاس، مدرسة أحمد الوكيلي بالرباط، ومدرسة محمد العربي التمسماني بتطوان . ثم فن السماع والملحون والإيقاع ...
هؤلاء النجوم قدموا للفن الموسيقي وللأغنية المغربية وللحن خدمات جليلة ، استطاعوا بأعمالهم الجميلة حمل مشعل التراث الفني الأصيل للأغنية واللحن والموسيقى بالمغرب، ومن ثمة إيصال هذا التراث الفني إلى الأجيال الصاعدة، وربطوا الجسور مع الأجيال المقبلة ، قبل أن يودعونا ، تاركين لنا أجمل الأعمال الخالدة. والتي من الصعب أن نجد رجالا بقيمة الرواد الأولون.
1-محمد البريهي 1850 - 1945 مؤسس 'جوق البريهي'
الفنان البريهي محمد بن عبد السلام من مواليد مدينة فاس سنة 1850 ، نشأ بأسرة فاسية أصلها من ناحية مدينة تازة ، تهتم بالفن الموسيقي ، تأثر الفنان البريهي بأبيه تأثرا كبيرا وتلقى تعليمه الموسيقي على يد والده عبد السلام، و الذي بدوره تلقى تعليمه الموسيقي بمسقط رأسه فاس على يد حدو بن جلون شيخ الموسيقيين بفاس . عاش والده خلال سنة 1882 حدثا فنيا كبيرا حيث راجع كناش محمد بن الحسين الحايك من طرف لجنة ضمن شيوخ الموسيقى الأندلسية إلى أن توفي سنة 1890 .
كان محمد البريهي يتلقى الدروس الموسيقية بدار الجامعي ، و بعدها انخرط في مجموعة فنية ، إلى أن أصبح من فطاحل المطربين ، يحفظ الكثير من التراث الأندلسي ، ويتقن أداءه ، ويجيد العزف على الرباب . ومن أجل تحقيق مراميه الفنية أسس جوقا ضم نخبة من العازفين والمنشدين، وذلك في عهد الحماية حيث عرف نشاطا محدودا في بعض الحفلات المذاعة من متحف دار السلاح بفاس . هذا الجوق الذي سيحمل إسم جوق البريهي فيما بعد . وكانت هذه النخبة من العازفين والمنشدين ، يلقنهم أصول المدرسة الأندلسية ، ويتنقل بهم عبر المدن المغربية ، وبذلك جمع إلى معرفته الواسعة بتراث الموسيقى الأندلسية إحساسا قويا بمسؤولية رعايتها وضمان استمراريتها فكان فنانا ومعلما موجها .
من بين تلاميذة محمد البريهي : فقيه الطرب الأندلسي أحمد الوكيلي ، عبد الكريم الرايس ، وهذا الأخير تصاهر معه ولازمه ما يزيد عن 25 سنة إلى أن توفي ، وبعد وفاة البريهي والمطيري جاء بعدهما الوكيلي على رأس الجوق . إسم هذا الجوق سيطلق على الإذاعة والتلفزة حيث أصبحت تسمى ب «دار لبريهي» .
لعب الفنان محمد البريهي دورا بارزا في ترسيخ العمل بمختلف كناش الحايك وإشاعة مستعملاته ، واستمر في مسيرته الفنية إلى أن توفي سنة 1945 .
محمد بلعيد 1875 _ 1945 ' مؤسس الروايس'
الحاج بلعيد محمد البعقيلي ، اسمه الكامل بلعيد بن امارك بن ابراهيم ، أمه جرارية من عين أولاد جرار ، لم يكن يضبط تواريخ الميلاد والوفاة، إلا أن المرجح أنه قد يكون ولد ما بين سنة 1870 و 1873 و 1875 ، في قرية «أنون عدو» (بئر عدي) وهي تبتعد عن مدينة تيزنيت بمسافة 12 كلومتر .
يحكى عنه أنه كان راعيا وهو غلام في قرية إعجنين ، مات والده وهو صغير بدأ يتعلم في الكتاب انقطع عن الدراسة . كان الشاب بلعيد عصاميا رغم قلة تعليمه ، كون نفسه وقرأ الكتب الدينية . فكان أنذاك يتقن الغناء بالمزمارالقصب حيث كان مولعا بالغناء ، مما جعله يلفت انتباه شيخ رماة سيدي محمد أوصالح أتزروالت ، الذي أدمجه في فرقته البهلوانية ، لكونه يتقن الغناء بالمزمار . فأصبح الشاب بلعيد يتنقل مع هذه الفرقة . وكان أحيانا يعمل على العزف على آلات موسيقية أخرى وخصوصا منها الرباب ، وبقي على هذا الحال إلى نهاية القرن الماضي . التحق بمجموعة أولاد سيدي احماد وموسى بواسطة سيدي محمد التازرو ، وتعلم العزف أيضا على الرباب والبندير والتر .
يعتبر محمد بلعيد من بين المغنيين المغاربة الأوائل الذين سجلت إنجازاتهم الفنية في فونوغراف مع بداية العشرينيات من هذا القرن . كما أنه يعد من أكبر الرياس الموسيقيين الذين نتوفر على جزء مهم من أعمالهم ، وبالنسبة للفنان بلعيد فهو أشهر مؤلف موسيقي للأغنية الأمازيغية بالجنوب المغربي ، وقد سجل أكثر من 60 قصيدة، بالإضافة إلى مجموعة من القصائد الشعرية غير المسجلة . كان يكتب قصائده بخط يده قبل أن يلحنها . كان الفنان بلعيد معلما مشهورا وسط «الروايس». وقد تتلمذ على يديه الكثير منهم واستطاع تكوين عدد من الروايس ، وعدة أجواق موسيقية .
الحاج بلعيد محمد البعقيلي ، اسمه الكامل بلعيد بن امارك بن ابراهيم ، أمه جرارية من عين أولاد جرار ، لم يكن يضبط تواريخ الميلاد والوفاة، إلا أن المرجح أنه قد يكون ولد ما بين سنة 1870 و 1873 و 1875 ، في قرية «أنون عدو» (بئر عدي) وهي تبتعد عن مدينة تيزنيت بمسافة 12 كلومتر .
يحكى عنه أنه كان راعيا وهو غلام في قرية إعجنين ، مات والده وهو صغير بدأ يتعلم في الكتاب انقطع عن الدراسة . كان الشاب بلعيد عصاميا رغم قلة تعليمه ، كون نفسه وقرأ الكتب الدينية . فكان أنذاك يتقن الغناء بالمزمارالقصب حيث كان مولعا بالغناء ، مما جعله يلفت انتباه شيخ رماة سيدي محمد أوصالح أتزروالت ، الذي أدمجه في فرقته البهلوانية ، لكونه يتقن الغناء بالمزمار . فأصبح الشاب بلعيد يتنقل مع هذه الفرقة . وكان أحيانا يعمل على العزف على آلات موسيقية أخرى وخصوصا منها الرباب ، وبقي على هذا الحال إلى نهاية القرن الماضي . التحق بمجموعة أولاد سيدي احماد وموسى بواسطة سيدي محمد التازرو ، وتعلم العزف أيضا على الرباب والبندير والتر .
يعتبر محمد بلعيد من بين المغنيين المغاربة الأوائل الذين سجلت إنجازاتهم الفنية في فونوغراف مع بداية العشرينيات من هذا القرن . كما أنه يعد من أكبر الرياس الموسيقيين الذين نتوفر على جزء مهم من من أعمالهم ، وبالنسبة للفنان بلعيد فهو أشهر مؤلف موسيقي للأغنية الأمازيغية بالجنوب المغربي ، وقد سجل أكثر من 60 قصيدة، بالإضافة إلى مجموعة من القصائد الشعرية غير المسجلة . كان يكتب قصائده بخط يده قبل أن يلحنها . كان الفنان بلعيد معلما مشهورا وسط «الروايس». وقد تتلمذ على يديه الكثير منهم واستطاع تكوين عدد من الروايس ، وعدة أجواق موسيقية
كان الفنان محبا للترحال والأسفار، سافر بلعيد إلى الشرق ومكث به سنتين حيث أدى فريضة الحج قبل رجوعه ليستمر في تكوين أفواج من «الروايس» إلى أن توفي قبل نهاية الحرب العالمية الثانية . وحسب بعض الوثائق فإن الرايس بلعيد قد حل بمدينة طنجة قبل أن يسافر إلى الشرق ، وفي 28 أكتوبر 1910 وصل إلى مدينة مرسيليا الفرنسية قادما من الحج ، حيث اتصل من هناك قبل عودته إلى مدينة طنجة ثم مدينة الصويرة . كما زار مصر والسعودية وفلسطين وسوريا وتركيا وتحدت عن رحلته في قصيدة شعرية عن الحج عندما عاد مابين 1908 و1910 حيث كان قد خرج من فرنسا ، وأحيى سهرات للجالية المغربية . تحدث بلعيد عن معركة فرنسا مع أيت باعمران، وعن معركة تيزي ... ووصف هجوم الطائرات الفرنسية على المواطنين الأبرياء .
تحمل أغاني بلعيد تاريخا دقيقا للأحداث التي عايشها بتفاصيلها . وغنى أيضا عن كل المواضيع وعن المرأة والحب والوطن ، له أغنية حول باريس سجلها سنة 1930 بحضور الموسيقار محمد عبدالوهاب في إحدى الإستيديوهات بالعاصمة الفرنسية .
كان قد تعرف على الفنان المصري محمد عبد الوهاب في استديو للتسجيل بباريس ، فأعجب به عبد الوهاب ، يقال أن عبد الوهاب اقتبس من بلعيد بعض الجمل الموسيقية .
كانت للفنان بلعيد مجموعة غنائية يتنقل بها بين قصور القواد والأعيان في كل من سوس والأطلس وحتى مراكش والصويرة . وكان له محبين يريدون الإستماع إلى أغانيه وألحانه . كما كان ينزل ضيفا عند اكلاوة بمراكش وتلوات ،ويقوم بجولات عمل في جنوب تزنيت إلى غاية نواحي أيت باعمران .
وفي سنة 1932 كان بلعيد ضيفا عند «بروسبيرريكار» في معهد الموسيقى المغربية بالرباط .
حاول أحد ممثلي شركة «بيضفون» بالمغرب (الخاصة بالتسجيل) استغلال الحاج بلعيد وفنه بأبخس الأثمان، ومن الأدلة على ذلك رسالة مؤرخة سنة 1933 يعبر فيها محمد القباج للفنان بلعيد على استعداده للتدخل لتسوية النزاع القائم بينه و بين ممثل «بيضافون» ، ومع ذلك فإن هذه المشاكل لم تمنع الحاج بلعيد من التعامل مع هذه الشركة في غياب بديل آخر .
في سنة 1935 توصل بدعوى من الجالية المغربية بضواحي باريس حيث التزم بتقديم سهرات لمدة ثلاثة أشهر . وخلال هذه الجولة سجل بلعيد في باريس مجموعة من قصائده ، وكان من الأوائل الذين بادروا إلى التسجيل . وآخر رحلاته كانت سنة 1938 إلى باريس . كان حلمه أن يزورفرنسا منذ أن غنى قصيدة «أمودون باريز» (الرحلة الباريزية) يصف فيها محمد الخامس بالعاصمة الفرنسية سنة 1931 .
وفي سنة 1940 تم إعفاءه من الخدمة المخزنية بسبب تقدمه في السن ، وبعد سنوات قليلة توفي ، أي ما بين سنة 1944 و1945 بعد أسبوع من المرض ، دفن في قريته «أنو ن عدوإدا ? أوبعقيل».
يعتبر الفنان بلعيد قيدوم الأغنية الأمازيغية ، فهو شاعر مبدع وموسيقي رائع ، كان أستاذا كبيرا في التأليف واللحن والغنى وكان معلما ونبراسا للعديد من الروايس
3_ادريس بن جلون التويمي 1807_1982 مؤسس جوق'اصدقاء زرياب'
ولد بفاس سنة 1897 ، تلقى تعليمه الأولي بالعاصمة العلمية ، وكانت موهبته الفنية تدفعه إلى الإهتمام بالفن وهو لايزال صغير السن . أخذ يتعلم على يد مجموعة من رجال الموسيقى وفنون الإنشاد والعزف من بينهم محمد بن العربي ابن جلون ، ومحمد البريهي ، وعمر الجعيدي ، ومحمد المطيري ، والمنشد أحمد زويتن ، وعندما بلغ سنه 17 سنة انتقل إلى مدينة الدارالبيضاء حيث تابع تعليمه الثانوي ..
اهتم الحاج ادريس بالموسيقى الأندلسية ، فكان من المؤسسين لجمعية هواة الموسيقى الأندلسية سنة 1937 .
في سنة 1958 عمل ادريس بنجلون بتعاون مع مجموعة من الفنانين على عقد مؤتمر وطني للجمعية ، شارك فيه هواة من مختلف المدن المغربية ، وكان لهذه الجمعية إشعاع فني كبير ، تمثل في تأسيس مدرسة لتعليم موسيقى «الآلة » كما أنشأ جوق «أصدقاء زرياب» .ترك الباحث والفنان ادريس بن جلون أعمالا جليلة في مجال التعريف بمستعملات الموسيقى الأندلسية وتعليمها واستكمال ميازينها. ومن أعماله : تأليف كتاب الدروس الأولية للموسيقى الأندلسية في جزأين ، الذي قررت الوزارة المكلفة بالشؤون الثقافية تدريسه بالمعاهد الموسيقية . وتحقيق كناش الحايك وإصداره كتاب تحت عنوان : التراث العربي المغربي في الموسيقى ، وكان ذلك سنة 1981 ، كما عمد ادريس ابن جلون إلى تلحين أغلب صنعات تلك الميازين .لقد حضر المؤتمر الدولي للموسيقى العربية المنعقد ببغداد سنة 1964 ، وكان من بين الموقعين على المذكرة التي رفعها المؤتمر إلى جامعة الدول العربية لحثها على إنشاء المجمع العربي للموسيقى . كما مثل المغرب في مؤتمرات المجمع منذ تأسيسه ، وشارك في دوراته الخمس : 1 - في يناير 1971 بطرابلس ، 2 - فبراير 1972 بالقاهرة ، 3 - يوليوز 1973 بالجزائر ، 4 - فبراير 1974 ببغداد ، 5 - أكتوبر 1977 بالرباط .
أنجز مجموعة من الدراسات والأبحاث حول الموسيقى الأندلسية ، وقد كرمه المؤتمر السادس المنعقد بطرابلس في أبريل 1981 . ظل نشيطا في سبيل خدمة رسالته الفنية إلى أن وافته المنية في 16 نونبر 1982 عن عمر يناهز 85 سنة.